تحليل: التهديدات الحوثية فتحت الباب على مصراعيه لعسكرة مضيق باب المندب

17 ديسمبر 2023آخر تحديث :
تحليل: التهديدات الحوثية فتحت الباب على مصراعيه لعسكرة مضيق باب المندب

 

قالت دراسة بحثية، أن تهديدات مليشيا الحوثي على جانبي مضيق باب المندب، خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة مِن العام الجاري، مثَّلت امتدادًا لتهديداتهم خلال حوالي تسع سنوات مِن الحرب.

وأوضحت الدراسة التي أصدرها مركز المخا للدراسات، أن هذه التهديدات وإن كانت قد تراجعت كثيرًا، خلال فترة الهدنة، منذ 2 أبريل 2022 حتى ما قبل هذه الثلاثة الأشهر؛ فقد استَهدَف الحوثيون، بالصواريخ الباليستية، والطائرات الانتحارية غير المأهولة، موانئ تصدير النفط والغاز، في المناطق الحكومية المشاطئة لخليج عدن وبحر العرب، وذلك بعدَّة هجمات متنوِّعة ومتفرقة، خلال شهري أغسطس وأكتوبر 2022م.

وأضافت الدراسة أم مليشيات الحوثي عمدت إلى توجيه أوامر ونصائح مضلِّلة السفن عبر كيان مجهول، وفقًا لهيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، التي صرَّحت -غير مرَّة- بأنَّ هذا الكيان ينتحل صفة السلطات اليمنية، ويوجِّه السفن بتغيير مسارها نحو موانئ الحديدة.

وتطرقت الدراسة إلى المتغيِّرات والدوافع المحيطة بالتهديدات على جانبي مضيق باب المندب، منها المتغيِّرات والدوافع الداخلية، وأهمها العملية السياسية الحالية، حيث تسعى مليشيا الحوثي لتعزيز موقفها التفاوضي بمختلف الوسائل المتاحة، ومِن ذلك تعمُّد خلق ظروف بحرية شديدة التأثير على مصالح وسطاء عملية السلام، والمنتفعين مِنها، التي تُبدي مرونة كبيرة تجاه ما دأب عليه الحوثيون مِن فرض اشتراطات متتالية لاستمرارهم في عملية السلام، ويعبِّر عن هذا سياسة ضبط النفس التي تبديها هذه الدول إزاء الممارسات الحوثية في البحر.

وأكدت الدراسة أن الهدنة الإنسانية أفرزت حالة سخط تجاه الحوثيين في مناطق سيطرتهم، نظرًا إلى استمرار سوء الأوضاع الاقتصادية والخدمية، والحقوق الحريات، وفرض الجبايات المالية التي ضاعفت معاناة التجار والسكان على حدٍّ سواء. فقد أسقطت الهدنة ذرائع الحوثيين بشأن سيادة هذه الأوضاع، وأنَّ وراءها استمرار الحرب وضخامة التزاماتها، ممَّا خلق سخطًا شعبيًّا كاد أن يتحوَّل إلى ثورة شعبية، في ظلِّ تجاهل الحوثيين لأبرز مناسبة وطنية في وجدان الشعب اليمني، ألا وهي ذكرى ثورة 26 سبتمبر 1962م.

وبينت أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن شكلت مصدر إلهاء عن المطالب الحقوقية، وباعثًا للفخر بأنَّ الحوثيين وحدهم مَن ساند عسكريًّا فلسطينيي غزَّة، في مواجهة إسرائيل.

وعلى صعيد المتغيِّرات والدوافع الإقليمية والدولية، أوضحت الدراسة أن المصالحة السعودية الإيرانية التي أُنجزت برعاية صينية، في مارس 2023م، تُشكِّل متغيِّرًا وثيق الصلة بالتهديدات الحوثية في البحر الأحمر، سواء في التوظيف الإيراني لهذه التهديدات، أو في حرص السعودية على كلِّ ما مِن شأنه صمود هذه المصالحة، ودعم عملية السلام في اليمن.

كما لفتت الدراسة إلى التداعيات العسكرية والأمنية للتهديدات على جانبي مضيق باب المندب، مشيرة إلى أن التهديدات الحوثية فتحت الباب واسعًا أمام العسكرة الأجنبية لمضيق باب المندب، وعلى جانبيه، وربَّما الجزر اليمنية، خاصة سُقَطرى، وميُون (بريم)، وحُنَيش، وزُقَر، والزُّبير، التي تخضع جميعها، للقوات الحكومية، وكلها مدعِّمات للأمن البحري في منطقتي البحر الأحمر وخليج عدن، الشديدتي الحساسية لصناعة النقل البحري.

وأكدت أن مسألة عسكرة البحر الأحمر وخليج عدن تظلُّ فرصة ثمينة أهداها الحوثيون وإيران للولايات المتَّحدة والقوى الدولية التي تدور في فلكها، وعلى رأسها إسرائيل، ولن تنعكس تأثيرات هذه العسكرة على أمن وسيادة ومصالح دول المنطقة فحسب، بل والأمن الدولي والمصالح الدولية، والتي تحضر فيها بقوَّة الصين التي ستُستهدَف مِن زاويتين هما: التضييق على وجودها العسكري في جيبوتي، وتقطيع أوصال مبادرتها الموسومة بـ”الحزام والطريق”.

وتوقعت الدراسة موقفًا غير معهود للصين إزاء أيِّ عنف قد ينشب في المنطقة، وإن كان هذا الموقف غير مباشر، لكنَّه سيكون وثيق الصلة بفواعل هذا العنف، وأدواته الصلبة.

وتوصلت الدراسة البحثية إلى أنَّ ما يثيره الحوثيون مِن تهديدات لا تنحصر في ادِّعاءاتهم بشأن نُصرة الفلسطينيين في غزَّة، بل هناك عوامل داخلية وخارجية تتعلَّق بوجودهم السياسي؛ وأنَّ ثمَّة تدافعًا لقوى الصراع في الأراضي اليمنية المشاطئة، وفي بحارها، وأنَّ الأيام القادمة قد تشهد تدريجيًّا عسكرة أجنبية على جانبي مضيق باب المندب، وفي الجُزر والسواحل اليمنية، وأن هذه العسكرة لن يقف تأثيرها عند أمن دول الإقليم ومصالحها وسيادتها، بل ومِثل ذلك بالنسبة إلى العالم كلِّه، نظرًا إلى تعقُّد شبكة المصالح التي تتجمَّع فيها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة